نوفمبر 17, 2025 16:56

Karun Human Rights Organization

منظمة كارون لحقوق الإنسان
سازمان حقوق بشر كارون

Karun Human Rights Organization

منظمة كارون لحقوق الإنسان
سازمان حقوق بشر كارون

Karun Human Rights Organization

منظمة كارون لحقوق الإنسان
سازمان حقوق بشر كارون

على حافة الجرح: رسالة من قلب الظلام عن إعدامات أكتوبر في الأحواز

على حافة الجرح: رسالة من قلب الظلام عن إعدامات أكتوبر في الأحواز

على حافة الجرح: رسالة من قلب الظلام عن إعدامات أكتوبر في الأحواز

✍️ بقلم: كريم بروایه (أبو شرهان الصرخي)

أنا كريم برواية المعروف باسم “أبو شرهان الصرخي” أكتب لكم اليوم السبت 4 أكتوبر (12 مهر 1404)، ليس بصفتي سياسيًا بل كإنسان يحمل قصص رفقائه في قلبه، وشاهد رأى بعينيه كيف تُخمد الأرواح الطاهرة في سجون النظام الإيراني. قلمي لا يرتعش من البرد بل من ثقل الذكريات التي ما زالت حية وتحرق الروح في كل مرة تتجدد.

في إقليم الأحواز نادرًا ما يمر يوم دون أن نسمع أخبار شجاعة أولئك الذين وقفوا في وجه ظلم النظام الإيراني. هذه الآلام جزء من التجربة المشتركة لنا، شعب الأحواز؛ تجربة تذكرنا بأن الحرية ثمنها باهظ وتجعلنا دائمًا مستعدين للصمود.

فجر يوم السبت 4 أكتوبر 2025، لم تغرب الشمس وحدها؛ ستة شباب من الأحواز غادروها أيضًا. في ظلمة السجون وصمت الموت أخذ النظام الإيراني حياة كلٍّ من علي مجدم، معين خنفري، محمدرضا مقدم، سيد سالم موسوي، عدنان غبیشاوي (ألبوشوكة) وحبيب دريس. هذه الأسماء لم تكن مجرد اتهامات على الورق؛ كل واحد منهم كان له قصة، وضحكات كانت تُسمع في أزقتنا، وأحلام بعظمة العالم.

عرفت هؤلاء الشباب خلال اعتقالي الثاني في عام 2019، في القسم 5 من سجن شيبان، حيث تتشابك المصائر وتتكون روابط إنسانية قوية. بعد 22 يومًا فقط من الإفراج بكفالة عالية، اعتقلت مرة أخرى على يد قوات الأمن التابعة للنظام الإيراني. استدعيت إلى مقرهم في ستاد خبري، وفي الطريق، وفي مشهد تمثيلي، تم اعتقالي بعنف أمام الناس؛ رسالة واضحة لإرهاب الناس.

بعد التعذيب والإيذاء الجديد، أُعيدت إلى سجن شيبان، هذه المرة في الغرفة رقم 2 بالقسم 5. هناك التقيت مجددًا برفاقي (السجناء السياسيين الذين تم إعدامهم) وقضيت معهم أيامهم الأخيرة.

أبو ريحان (حبيب دريس)؛ الضحكة التي خنقها الجلاد

في السجن، الحياة لا تُحتمل إلا بالتضامن. كنت أنا وحبيب دريس قد اتفقنا على العيش في “مجموعة”. كنا نتقاسم كل شيء: قطعة خبز، الحزن، والضحكات النادرة. عندما أفكر في حبيب، “أبو الرياحين” [اسم ابنته الوحيدة ريحانة، 7 سنوات]، لا أستذكر مجرد سجين سياسي صامد، بل أرى روحًا فرحة تستطيع أن تصنع سببًا للابتسامة حتى من العدم. كان يناديني “أبو الشراهين”، وبهذه المزحات كنا نخلق ستارًا رقيقًا أمام المعاناة.

لكن خلف تلك الضحكات كان هناك رعب لا يوصف. لاحقًا، ومن خلال الشهادات والوثائق، فهمت أن هذا الجسد الضاحك قد تحمل تعذيبًا لا يطيقه أي إنسان. في قبو التحقيقات التابع للنظام الإيراني قُيد حبيب إلى الطاولة ووضعت منشفة مبللة على وجهه وصُبّت عليه المياه؛ تعذيب يُعرف باسم “الغرق الوهمي”، يواجه الإنسان بالموت في كل نفس. عُلّق من قدميه وغُمر رأسه في وعاء كبير من الماء ثم ضرب بالكابلات والأنابيب حتى امتلأ جسده بالدم والكدمات وتشقق جلده. لم يكتفوا بالتعذيب بالكهرباء؛ بل أحرقوا أطراف أصابعه وصدره بصدمات كهربائية. رأيت بنفسي آثار الكدمات على جبينه وظهره وكتفيه، لكن لم أكن أعلم أن ما رأيته كان جزءًا صغيرًا فقط من عذابه اللامتناهي.

وراء تلك الابتسامات كان هناك ألم عميق مخفي. “أبو الرياحين”، عندما رأى شباب قلعة كنعان [إحدى مناطق الأحواز]، مسقط رأسه، عالقين في فخ الإدمان، رأى صورة صغيرة لوطن مهترئ تحت يد النظام الإيراني. نهض لإنقاذهم وأقام مخيمًا صغيرًا لعلاج الإدمان، دون أن يعلم أن موتًا أسرع كان في انتظاره.

أتذكر أنه كان يقرأ الشعر، بصوت أجش وكأن الأرواح القديمة تُستدعى لترافقه. كان مولعًا بشعر شعب الأحواز، وخاصة شعراء الزمن القديم. كانت ذاكرته كنزًا من “الأبوذية” [نوع من الشعر العربي الأحوازي]. لن أنسى أبدًا عندما كان يردد هذه الأباذية بصوته الدافئ:

بالعربية:
جواد الكون اسرجنا و نعله
و اسبّ العاش بالذلّة و نعله
حاتم بالكرم عالي و نعله
اببخل لو طلبوا الصاحب عليّه

بالفارسية التفسيرية:
سَدَدنا صهوة حصان سريع وتقدمنا
ولعنّا العاشق الذي استسلم للذل
حاتم في كرمه عالٍ وامتدحناه
ولكن إذا طلب صديق شيئًا وكان بخيلًا، لعنّاه

أتذكر خلال لعبة الدومينو، عندما كنت أتسبب عمدًا بخسارة فريقه، كان يغضب كطفل، وكانت عقوبتي إحضار القهوة له. كم أشتاق لتلك الخسارات! كم أشتاق لرؤية ذلك الغضب الجميل مرة أخرى! في عينيه، كنت أرى دائمًا شغفًا عميقًا للصيد والجلوس بهدوء على ضفاف النهر. كان يقول: “عندما أخرج من هذا الجحيم، سأذهب فقط للصيد.” ربما أراد أن يغسل روحه في هدوء نهر كارون من قذارة جلادي النظام الإيراني.

لكن حبيب لم يصل أبدًا إلى كارون؛ فقد ارتحل إلى السماء، تاركًا لي حزنًا بحجم العالم واشتياقًا لرغبة بسيطة لم تتحقق.

أبو قيصر (علي مجدم)؛ أب قُتل ألف مرة قبل الإعدام

عندما رأيت علي مجدم (أبو قيصر) لأول مرة في “حجر الحجر الصحي” في السجن، كان كظل صامت ومرهق، بعيون غائرة تحدق في الفراغ. لم يكسر التعذيب الجسدي عظامه، لكن اللحظة التي اضطر فيها لمشاهدة زوجته وطفله يتعرضان للتعذيب أمام عينيه حطمت روحه. كانوا يعذبونه بالصدمات الكهربائية، لكن الألم الحقيقي كان يحرق روحه وهو يرى دموع زوجته ورعب طفله.

في تلك اللحظة، كان يُقتل ألف مرة. كان يهمس بصوت متقطع: “أشعر بالخجل من الاتصال بهم. كيف أتحدث إلى زوجتي؟ ماذا أقول لطفلي الذي رآني في أضعف لحظاتي؟” كان هذا الخجل يلتهمه من الداخل يوميًا، أصعب من الجلدات التي يوجهها موظفو النظام.

عندما اتصل علي أخيرًا بعد عدة محاولات وسمع صوت زوجته الصابرة تقول: “نحن بخير، كن قويًا”، رأيت رجلاً يولد من جديد. عادت الحياة إلى عينيه، وأصبح أبو قيصر كما عرفناه.

بعد ثمانية أشهر من الحجر الصحي في سجن شيبان، نُقل أبو قيصر إلى القسم 5، وعاد الابتسامة إلى وجهه. استأنف هواياته مثل الشطرنج وتنظيم المسابقات بين السجناء. وبفضل شجاعته وجسده الكبير، تم تكليفه بمسؤولية الغرفة رقم 1.

مسار التعذيب وإرث الشجاعة

جميع هؤلاء الستة من السجناء السياسيين العرب الأحوازيين الذين أُعدموا كانوا قد اعتُقلوا بين عامي 2018 و2019. من لحظة الاعتقال، بدأ مسار التعذيب الشديد. تم الاحتفاظ بهم سرًا وخاضوا أسوأ أنواع التعذيب في الزنازين الانفرادية للحرس الثوري في الأحواز. أسرة التعذيب الخاصة بالأحوازيين ليست مجرد قصة تاريخية، بل حقيقة مريرة تحملها هؤلاء الأبطال.

الجريمة بعد الموت: لا مكان للدفن

بعد إعدامهم، لم تُسلم أجسادهم من قبل النظام. عانت العائلات لساعات في البحث عن الجثث ودفنها، ولم يتلقوا أي إجابة. هل تُركوا في الصحراء؟ أم في قبور جماعية مجهولة؟ أم ألقيوا في نهر كارون؟ لقد سرقوا حياة هؤلاء الأشخاص وحتى حقهم في وجود قبر.

بالإضافة إلى ذلك، استدعي أفراد العائلات والشيوخ إلى مكاتب الاستخبارات وهددوا بعدم إقامة أبسط مراسم العزاء. حتى تلاوة القرآن والشعر مُنعت في المنازل، وأُجبروا على الصمت.

هذه كانت ذكرياتي مع هؤلاء الأعزاء؛ مع ضحايا إعدامات أكتوبر

https://ar.khro.org/?p=6137
المزيد من الاخبار
https://ar.khro.org/?p=6137
المزيد من الاخبار
https://ar.khro.org/?p=6137
المزيد من الاخبار
المحكمة العليا للنظام الإيراني تؤيّد حُكم الإعدام مرّتين بحق ثلاثة معتقلين سياسيين في الأحواز

أفادت تقارير وصلت إلى منظمة “كارون” لحقوق الإنسان أنّ المحكمة العليا للنظام الإيراني قامت يوم الخميس 21 آبان 1404 بتأييد حكمَي الإعدام مرّتَين بحق كلٍّ من “مسعود جامعي” و “علیرضا مرداسي ” وهما من المواطنين العرب في الأحواز، إضافة إلى المعتقل “فرشاد اعتمادی‌فر” من محافظة كهكيلويه وبويراحمد. وقد تم تبليغ هذه الأحكام لذويهم عبر محامي الدفاع ومن خلال منصّة “ثنا” القضائية. وفي القضية ذاتها، سبق أن حُكم على متهمين آخرين

قراءة الأخبار »

جاري تحديث هذا القسم

الاشتراك في الموقع نعم لا، شكرا لك!