تُعد قضية إعدام علي مجدم، معین خنفري، سالم موسوی، محمدرضا مقدم، عدنان آلبوشوکه (غبیشاوی) وحبیب دریس، ستة سجناء سياسيين أحوازیین في سجن سبیدار ليس مجرد خطأ قضائي بل دليلًا على انهيار كامل لمفهوم العدالة في النظام الإيراني. في هذه القضية استُخدم القانون لتحقيق الانتقام وتحولت المحكمة إلى أداة للأمن، وجلس القاضي كمُنفذ لأوامر الأجهزة الأمنية.
تستند مؤسسة كارون لحقوق الإنسان في إعادة بناء أجزاء من هذه المأساة القانونية والإنسانية إلى روايات مباشرة، وثائق رسمية وشهادات عائلات الضحايا؛ مأساة يظهر فيها أثر العنف الحكومي وتزوير الحقائق في كل سطر.
من “نزاع عائلي” إلى “التجسس لصالح إسرائيل”
في البداية لم تُشر السلطات القضائية المحلية إلى أي بعد سياسي. فقد وصف مدعي عام مدینة عبادان الحادث بأنه “نزاع عائلي” وامتنع مؤسسة الشهداء عن إصدار رمز الشهادة للعنصرين القتيلين من الباسيج لعدة أشهر.
لكن مع تدخل الأجهزة الأمنية، سلكت القضية مسارًا مختلفًا. خلال أسابيع قليلة تحوّل النزاع الشخصي إلى “ملف أمني” وأصبح المتهمون “محاربين مع الله” و”عملاء للكيانات الأجنبية”.
من تلك اللحظة تراجع القانون واستولت الأجهزة الأمنية على قلم القاضي.
انتهاكات أساسية
- انتهاك المادة 32 من الدستور؛ الاعتقالات دون حكم قضائي
وفقًا للمادة 32 من الدستور، “لا يجوز اعتقال أي شخص إلا بحكم القانون وبالإجراءات المنصوص عليها”.
إلا أن شهادات العائلات والمصادر الموثوقة تشير إلى أن اعتقال المتهمين في اسفند ۱۳۹۷ (مارس 2019) و فروردین ۱۳۹۸ (أبريل 2019) تم دون أمر قضائي وبأوامر من وزارة المخابرات. - انتهاك المادة 34 من الدستور؛ حرمان الحق في اللجوء للمحكمة المختصة
المادة 34 تؤكد أن “الحق في المطالبة القضائية هو حق أصيل لكل فرد”.
ومع ذلك، نُقلت قضايا القتل إلى المحكمة الثورة الايرانية في الأحواز، وهي غير مختصة وفق القانون، وهو انتهاك صارخ للمادة 302 من قانون أصول المحاكمات الجزائية. - انتهاك المادة 35 من الدستور؛ حرمان المتهمين من محامٍ مستقل
المادة 35 تؤكد حق المتهم في اختيار محامٍ منذ لحظة الاعتقال. جميع المتهمين في هذه القضية حُرموا من محامٍ منتخب، ولم يكن للمحامين المكلفين من المحكمة أي وصول فعلي للقضية. - انتهاك المادة 38 من الدستور؛ التعذيب للحصول على اعترافات
وفق المادة 38، “يُحظر التعذيب للحصول على اعتراف أو معلومات”.
المتهمون تعرّضوا لتعذيب جسدي ونفسي وجنسي لإجبارهم على الاعترافات في معتقل الاستخبارات الايرانية وهي التي استُخدمت لاحقًا كأساس لأحكام الإعدام. - انتهاك المادة 39 من الدستور؛ انتهاك حرمة المتهمين
بث اعترافات قسرية لبعض المتهمين على وسائل الإعلام الرسمية، ووصفهم بـ “جاسوس” أو “عميل للعدو”، يمثل انتهاكًا واضحًا للحرمة والكرامة وفق المادة 39 والبند 2 من قانون احترام الحريات المشروعة (1383). - انتهاك المادة 190 من قانون أصول المحاكمات الجزائية؛ غياب المحامي أثناء التحقيق
المادة 190 تتيح للمتهم حضور محامٍ أثناء التحقيق، لكن جميع المتهمين حُرموا من هذا الحق، وأُجريت التحقيقات بالكامل بواسطة ضباط الاستخبارات. - انتهاك مواد 35 و43 من لائحة تنفيذ أحكام الإعدام؛ التنفيذ السري
كان يجب إخطار المحامي والعائلة قبل 48 ساعة على الأقل وتوفير فرصة للقاء الأخير، لكن أحكام الإعدام نفذت فجر ۱۲ مهر ۱۴۰۴ (4 أكتوبر 2025) دون أي إشعار رسمي. - انتهاك المادة 49 من اللائحة؛ عدم تسليم الجثث للعائلات
رغم وفاة المتهمين، رفضت السلطات تسليم الجثث، معلنة أنها دُفنت، وهو مخالف للقانون وللأعراف الدينية وحقوق الإنسان. - تزوير التهم بعد الإعدام
في البداية، كانت التهم “الانتماء لمجموعة باغي الداخلية” و”القتل العمد”، لكن بعد الإعدام، ادعت وسائل الإعلام الرسمية صلات بـ “إسرائيل” و”التجسس”، وهو تحريف سياسي واضح.
أظهرت هذه القضية انتهاكات صارخة لكل من الدستور الإيراني وقانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية ولوائح تنفيذ الأحكام.
الاعتقالات، التحقيقات، المحاكمات، وتنفيذ الإعدام جميعها تمت تحت سيطرة الأجهزة الأمنية وخارج الأطر القانونية، مما يجعل هذه القضية مثالًا واضحًا على تسييس القضاء وانهيار استقلاله في النظام الإيراني.
تطالب مؤسسة كارون لحقوق الإنسان بإجراء تحقيق دولي مستقل حول هذه الإعدامات، ومحاسبة المسؤولين عن انتهاك القوانين الداخلية والمعايير الدولية، وضمان المساءلة الرسمية من قبل النظام الإيراني.

