خلال السنوات الأخيرة، تم توثيق العديد من حالات مقتل الأطفال برصاص مباشر أطلقته قوات الأمن والشرطة التابعة للنظام الإيراني. وقد وقعت معظم هذه الحالات في ظروف لم يشكّل فيها الضحايا أي تهديد لتلك القوات، إذ كانوا غالبًا يمارسون حياتهم اليومية أو يرافقون أسرهم.
وقد حذّرت منظمات حقوق الإنسان، من بينها العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، مرارًا من الاستخدام غير القانوني للأسلحة النارية ضد المدنيين في إيران. ومع ذلك، لم يُقدَّم أيٌّ من الجناة إلى العدالة، بل وصفت السلطات الأمنية أفعال عناصرها في عدة مناسبات بأنها “قانونية”.
يتناول هذا التقرير ست حالات موثّقة لأطفال دون سن العاشرة قُتلوا برصاص قوات الأمن الإيرانية، وهم رموز مؤلمة للإفلات المنهجي من العقاب ولعجز الضحايا وأسرهم أمام آلة القمع الرسمية.
وبحسب تقرير منظمة العفو الدولية، فقد قُتل ما لا يقل عن 23 طفلًا في سبتمبر 2022 أثناء قمع الاحتجاجات، في حين امتنع العديد من ذوي الضحايا عن الحديث للإعلام خوفًا من الملاحقة الأمنية. إن تحليل هذه الوقائع يُبرز أنماطًا متكررة من الانتهاكات وآثارها العميقة على المجتمع وحقوق الأطفال في إيران.
ذو الفقار شريفي

في قرية بيت كوار التابعة لمدينة الحويزة، قُتل الطفل “ذوالفقار شريفي” (7 أعوام) مساء الجمعة 25 مهر 1404 (17 أكتوبر 2025) برصاص مباشر أطلقه عناصر الشرطة الإيرانية عند حاجز تفتيش جديد.
أطلق العناصر النار من دون أي تحذير أو أمر بالتوقف، وأصابت الرصاصات جسد ذو الفقار مباشرة، ما أدى إلى وفاته على الفور. كما أُصيبت شقيقته بجروح بليغة، بينما حاصرت القوات الأمنية منزل العائلة ومنعتها من التواصل مع الإعلام.
وقد وثّقت منظمة كارون لحقوق الإنسان هذه الحادثة.
مرتضى دلف زرقاني

في مدينة تستر، قُتل الطفل “مرتضى دلف زرقاني” (9 أعوام) بتاريخ 19 خرداد 1402 (8 يونيو 2023) بعد أن استهدفت قوات الشرطة سيارة عائلته ظنًا أنها مسروقة.
ورغم أن إطلاق النار أدى إلى مقتل الطفل، أعلنت قيادة الشرطة أن الإجراء كان “قانونيًا”، ولم تُفتح أي قضية ضد الضباط المتورطين.
كيان بيرفلك

قُتل الطفل “كيان بيرفلك” (پيرفلك) 9 أعوام و من أبناء مدينة إيذج مساء 25 آبان 1401 (16 نوفمبر 2022) أثناء إطلاق النار على سوق المدينة من قبل قوات النظام الإيراني.
كانت عائلته في طريق العودة إلى المنزل حين أصابت الرصاصات سيارتهم.
ورغم أن السلطات الرسمية زعمت أن الحادث “هجوم إرهابي”، إلا أن ردود الفعل الشعبية الواسعة والجنازة الجماهيرية كشفت زيف الرواية الرسمية وأشعلت موجة غضب عام.
رغد سواري

في الأحوازو بتاريخ 24 مهر 1395 (15 أكتوبر 2016)، قُتلت الطفلة “رغد سواري” (3 أعوام) برصاص مباشر أطلقه عناصر الأمن الإيراني على سيارة عائلتها التي كانت تحمل لوحة مدنية ولم تُشكّل أي تهديد.
أُصيبت والدتها بجروح خطيرة ونُقلت إلى المستشفى.
وثّقت وكالة هرانا الحقوقية الحادثة، فيما خضعت الأسرة لضغوط لمنعها من التحدث إلى وسائل الإعلام.
الأطفال الذين قُتلوا في مناطق أخرى من إيران
رها شيخي

في مدينة خمین، مساء الخميس 26 تیر 1404 (17 يوليو 2025)، قُتلت الطفلة “رُها شيخي” (3 أعوام) أثناء إطلاق قوات الأمن النار على سيارة عائلية مكوّنة من أربعة أفراد.
أظهرت الحادثة عمق أزمة الإفلات من العقاب وانتهاك الحق في الحياة، وأثارت غضبًا واسعًا في الشارع الإيراني، خاصةً بعد أن أكدت التقارير المحلية أن العائلة لم تشكّل أي خطر أمني على الإطلاق.
أميرعلي موسى كاظمي

في أصفهان، قُتل الطفل “أميرعلي موسى كاظمي” (عامان) مساء الجمعة 12 إسفند 1401 (3 مارس 2023) برصاص مباشر أطلقه عناصر من وحدة القوات الخاصة للشرطة.
كانت عائلته داخل سيارتهم قرب منطقة گاوخونی ومدينة ورزنه عندما حاصرتهم مركبة عسكرية تابعة للوحدة الخاصة، فأُطلق النار وأُصيب الطفل برصاصة في الرأس أودت بحياته.
وتُعدّ هذه الحادثة مثالًا صارخًا على الاستخدام غير المبرر للقوة المميتة في ظروف غير مسلحة.
يوسف شهليبر

في إقليم بلوشستان، توفي الطفل “يوسف شهليبر” (5 أعوام) بعد إصابته بست رصاصات في أنحاء متفرقة من جسده.
زعمت القوات الأمنية أن إطلاق النار استهدف “لصوصًا”، لكن التحقيقات القضائية أثبتت بطلان هذا الادعاء، وتم إصدار أمر باعتقال الضباط المسؤولين.
وتُعتبر هذه القضية مثالًا واضحًا على انتهاك الحق في الحياة واستخدام السلاح بشكل غير قانوني من قبل القوات الأمنية.
أنماط متكررة وانعكاسات مأساوية
تشير التقارير الدولية إلى أنه خلال احتجاجات عامي 2019 و2022، قُتل أطفال آخرون في الأحواز وبلوشستان وكرمانشاه ومناطق أخرى، وغالبًا برصاص مباشر من قوات غير مسلحة.
تتكرر في هذه الحوادث أنماط مشتركة تشمل:
- إطلاق النار على سيارات المدنيين والعائلات
- استخدام الذخيرة الحية دون مبرر
- غياب التحقيقات القضائية المستقلة
وتُخلّف هذه الانتهاكات آثارًا نفسية واجتماعية مدمّرة على الأسر والمجتمع، حيث تعاني العائلات من الصدمات والخوف والصمت القسري، فيما يتآكل الثقة العامة في المؤسسات الأمنية والقضائية.
إن هذه الوقائع تمثل انتهاكًا صارخًا للحق في الحياة وتكشف عن نزعة متزايدة نحو عسكرة المجتمع وتهميش كرامة الإنسان في إيران.

